[center][size=18] [center][size=24]قصيدة البردة للإمام البوصيري[size=18] [center]
مولاي صلي وسلم دائم أبد ***** على حبيبك خير الخلق كلهم
أمن تذكر جيرانٍ بذى سلم ***** مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بدم
مْ هبَّت الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ ***** وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضم
فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمت ***** وما لقلبك إن قلت استفق يهم
أيحسب الصب أن الحب منكتم ***** ما بين منسجم منه ومضطرم
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ ***** ول أرقت لذكر البانِ والعلمِ
فكيف تنكر حباً بعد م شهدت ***** به عليك عدول الدمع والسقمِ
وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضنى ***** مثل البهار على خديك والعنم
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني ***** والحب يعترض اللذات بالألمِ
ي لائمي في الهوى العذري معذرة ***** مني إليك ولو أنصفت لم تلمِ
عدتك حالي لا سري بمستتر ***** عن الوشاة ولا دائي بمنحسم
محضتني النصح لكن لست أسمعهُ ***** إن المحب عن العذال في صممِ
إنى اتهمت نصيح الشيب في عذلي ***** والشيب أبعد في نصح عن التهتمِ
في التحذير من هوى النفس
مولاي صلي وسلم دائماً أبد ***** على حبيبك خير الخلق كلهم
فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظت ***** من جهلها بنذير الشيب والهرم
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى ***** ضيف ألم برأسي غير محتشم
لو كنت أعلم أني ما أوقره ***** كتمت سراً بدا لي منه بالكتمِ
من لي برِّ جماحٍ من غوايته ***** كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجم
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوته ***** إن الطعام يقوي شهوة النَّهم
والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ على ***** حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطم
فاصرف هواه وحاذر أن توليه ***** إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
وراعها وهي في الأعمالِ سائمةٌ ***** وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلة ***** من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسم
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع ***** فرب مخمصةٍ شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت ***** من المحارم والزم حمية الندمِ
وخالف النفس والشيطان واعصهم ***** وإن هما محضاك النصح فاتَّهِم
ولا تطع منهما خصماً ولا حكم ***** فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
أستغفر الله من قولٍ بلا عملٍ ***** لقد نسبتُ به نسل لذي عُقم
أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت به ***** وم استقمت فما قولى لك استقمِ
ولا تزودت قبل الموت نافلةً ***** ولم أصل سوى فرض ولم اصم
في مدح سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبد ***** على حبيبك خير الخلق كلهم
ظلمت سنة من أحي الظلام إلى ***** أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشدَّ من سغب أحشاءه وطوى ***** تحت الحجارة كشحاً مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهبٍ ***** عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته ***** إن الضرورة لا تعدو على العصم
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من ***** لولاه لم تخرج الدنيا من العدمِ
محمد سيد الكونين والثقلي ***** ن والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ ***** أبر في قولِ ل منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته ***** لكل هولٍ من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستسكون به ***** مستمسكون بحبلٍ غير منفصم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلقٍ ***** ولم يدانوه في علمٍ ول كرم
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ ***** غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم ***** من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي ت م معناه وصورته ***** ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه ***** فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادعثه النصارى في نبيهم ***** واحكم بماشئت مدح فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف ***** وانسب إلى قدره م شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له ***** حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم
لو ناسبت قدره آياته عظم ***** أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعيا العقول به ***** حرص علينا فلم نرْتب ولم نهمِ
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى ***** في القرب والبعد فيه غير منفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعُدٍ ***** صغيرةً وتكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته ***** قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحلمِ
فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ ***** وأنه خير خلق الله كلهمِ
وكل آيٍ أتى الرسل الكرام به ***** فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضلٍ هم كواكبه ***** يظهرن أنوارها للناس في الظلم
أكرم بخلق نبيّ زانه خلقٌ ***** بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ ***** والبحر في كرمٍ والدهر في همم
كانه وهو فردٌ من جلالته ***** في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنم اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ ***** من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل تُرباً ضم أعظمهُ ***** طوبى لمنتشقٍ منه وملتثمِ
في مولده عليه الصلاة والسلام
مولاي صلي وسلم دائماً أبد ***** على حبيبك خير الخلق كلهم
أبان موالده عن طيب عنصره ***** يا طيب مبتدأ منه ومختتم
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهم ***** قد أنذرو بحلول البؤْس والنقم
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ ***** كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ ***** عليه والنهر ساهي العين من سدم
وساءَ ساوة أن غاضت بحيرته ***** ورُد واردها بالغيظ حين ظمي
كأن بالنار ما بالماء من بلل ***** حزناً وبالماء ما بالنار من ضرمِ
والجن تهتف والأنوار ساطعةٌ ***** والحق يظهر من معنى ومن كلم
عموا وصمو فإعلان البشائر لم ***** تسمع وبارقة الإنذار لم تُشم
من بعد ما أخبره الأقوام كاهِنُهُمْ ***** بأن دينهم المعوجَّ لم يقمِ
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب ***** منقضةٍ وفق ما في الأرض من صنم
حتى غدا عن طريق الوحى منهزمٌ ***** من الشياطين يقفو إثر منهزم
كأنهم هرباً أبطال أبرهةٍ ***** أو عسكرٌ بالحصى من راحتيه رمى
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهم ***** نبذ المسبِّح من أحشاءِ ملتقم
في معجزاته صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائم أبد ***** على حبيبك خير الخلق كلهم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة ***** تمشى إليه على ساقٍ بلا قدم
كأنَّما سطرت سطر لما كتبت ***** فروعها من بديع الخطِّ في اللقم
مثل الغمامة أنَّى سار سائرة ***** تقيه حر وطيسٍ للهجير حَم
أقسمت بالقمر المنشق إن له ***** من قلبه نسبةً مبرورة القسمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرم ***** وكل طرفٍ من الكفار عنه عم
فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يرم ***** وهم يقولون م بالغار من أرم
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على ***** خير البرية لم تنسج ولم تحم
وقاية الله أغنت عن مضاعفةٍ ***** من الدروع وعن عالٍ من الأطم
ما سامنى الدهر ضيماً واستجرت به ***** إلا ونلت جواراً منه لم يضم
ولا التمست غنى الدارين من يده ***** إلا استلمت الندى من خير مستلم
لا تنكر الوحي من رؤياه إن له ***** قلباً إذا نامت العينان لم ينم
وذاك حين بلوغٍ من نبوته ***** فليس ينكر فيه حال محتلم
تبارك الله ما وحيٌ بمكتسبٍ ***** ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهم
كم أبرأت وصباً باللمس راحته ***** وأطلقت أرباً من ربقة اللمم
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوته ***** حتى حكت غرة في الأعصر الدهم
بعارضٍ جاد أو خلت البطاح به ***** سيبٌ من اليم أو سيلٌ من العرمِ
[/size][/size][/center][/size][/center][/center]